دين و دنيا

حكم من مات زوجها وهي في الحج| دار الإفتاء تجيب

حكم من مات زوجها وهي في الحج يأتي من جُملة الأحكام الفقهية التي على المرأة الإلمام بها، لاسيما تلك التي أصبحت أرملة، فثمَّة أحكام فُرضت عليها خصيصًا؛ صيانةً لها، ولأنَّ الحج من الفرائض، وربما يحدث خلطٌ في الأحكام، يُمكننا بيان ذلك الحكم المذكور عن كثب اعتمادًا على ما جاء في الأدلة النقلية من القرآن والسنة، بالإضافة إلى تفسيرات وأحكام الفقهاء والأئمة الأربعة رضوان الله عليهم.

حكم من مات زوجها وهي في الحج

نعلمُ أنَّ الحج من قبيل العبادات التي يؤديها المُسلم بعد تحقق شرطة الاستطاعة.. لكن يُمكن أن يأتي المرأة وهي في الحج خبر وفاة زوجها، فلا تكون على علم بذلك قبل ذهابها، وفي تلك الحالة يُنظر في أمرها وفقًا للحالة، أي أنها إن كانت قريبة من محلّها ولم تكن قطعت بعد مسافة القصر، فعليها أن تعود إلى بيتها وتنتظر إلى أن تتم فترة العدة.

بيد أنها إن قطعت مسافة القصر، أو بالفعل ذهبت إلى الحرم، عليها أن تمضي في سفرها وتُكمل حجّها ولا يلزم عليها الرجوع.. أي أنَّ البعيدة لا ترد لكن ترد فقط ما لم تحرم.

لأنّها إن تخطّت تلك المسافة أو وصلت بالفعل إلى مكة، ما إن رجعت إلى بيتها ستكون رجعت بسفر، لكن بقائها هناك يكون بسفر مستمر، لاسيما وهي تؤدي فريضة، بل وحتى إن كان أداؤها للعُمرة لا للحج، أي نافلة لا فريضة، فهي تستمر فيها؛ لمشقة الرجوع.

على جانب آخر، ما إن عادت من الحج، وبقي وقت في عدتها “4 أشهر وعشرًا” عليها أن تلزمه في بيت زوجها الذي كانت تُقيم فيه قبل الوفاة، وتُكمل عدّتها.

اقرأ أيضًا: حكم حج المرأة عن غيرها

هل موت الزوج يؤثر على صحة الحج؟

إنَّ المرأة وهي متلبسة بلباس الحج أو العمرة وقد سمعت بخبر وفاة زوجها، فإنَّ ذلك لا يؤثر على صحة أدائها الفريضة أو النافلة، وهو ما لا يتنافى مع ضرورة الإحداد على زوجها المتوفى.

كما أنّ من تحج وهي تعلم بموت زوجها وقد خرجت في وقت عدّتها، فإنّ هذا لا يؤدي إلى بطلان الحج، بل يكون صحيحًا، وتكون هي مُخطئة، لأنها خالفت الواجب عليها من البقاء في منزلها حتى إتمام العدة، وما إن كانت تجهل بحكم من مات زوجها وهي في الحج فلا إثم عليها.

حكم خروج الأرملة إلى الحج أو العمرة أثناء العدة

كما ذكرنا حكم من مات زوجها وهي في الحج فما الحكم الشرعي لمن ذهبت إلى الاعتمار أو أداء فريضة الحج أثناء عدة الوفاة التي لم تنتهِ بعد؟

بادئ ذي بدء نشير إلى قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 234: “وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”، فعدّة الأرملة هي أربعة أشهر وعشر ليالٍ.

فلا تتزوج المرأة خلال فترة العدة، ولا تفعل أي مما يتنافى مع حدادها على زوجها، ووفقًا لما جاء في أغلب مذاهب الأئمة الأربعة أنه لا يجوز لها كذلك أن تخرج للعمرة أو الحج، والسبب أن العدة لها مدة وتنقضي، إلا أن الحج والعمرة لا يُحددان بميقات معين فلا يفوتان.

كما أنَّ خروج المعتدة من المسكن الذي عليها ملازمته دون عذر شرعي يُعتد به من الكبائر طالما لم تنتهِ فترة عدتها، لأنَّ مكوثها في منزلها خيرً لها، من أوامر الله لها، لما فيه من حفظ النسب وغيره.

ماذا إن لم تتمكن المرأة من استرجاع أموال الحج؟

حتى وإن كانت الزوجة عاقدة العزم مع زوجها إلى الذهاب للحج، وقد مات في شعبان مثلًا، ولم يُدرك معها الحج، فلا يجوز لها أن تُسافر إبَّان عدّتها؛ حتى لا تأثم بذلك.

لكن ماذا عن التي لا تعرف كيف تسترجع أموال الحج بعد دفعها، ويشق على مثلها أن تترك ذلك المال أو تجمعه ثانيةً؟ يُذكر أنه من باب لا ضرر ولا ضرار بإمكان المرأة التي يتعذر عليها استرجاع أموالها أن تذهب إلى الحج عند بعض الفقهاء، على اعتبار الحاجة التي تخرج لتداركها ودرء المضرّة.

لاسيما وأنّ الحج ربما تكون عند البعض فرصة لا تُكرر، فما إن جاءت ليس عليهم تفويتها، وهو ما لا ينطبق على العمرة.

اقرأ أيضًا: رسائل تهنئة عيد الأضحى 2023.. “كل عيد وأنتم سعداء”

حكم سفر المعتدة للضرورة

الواجب على المرأة التي توفي زوجها أن تمكث في منزلها خلال فترة العدة وهو ما ذكرناه آنفًا، سواء كان منزل ملكًا لزوجها أو مستأجرًا، فقد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “امْكُثي في بيتِكِ حتَّى يبلغَ الْكتابُ أجلَهُ. قالت فاعتددتُ فيهِ أربعةَ أشْهرٍ وعشرًا. قالت فلمَّا كانَ عثمانُ بنُ عفَّانَ أرسلَ إليَّ فسألَني عن ذلِكَ فأخبرتُهُ فاتَّبعَهُ وقضى بِه” (صحيح).

فلطالما كانت المرأة غير مضطرة لسفر، عليها الالتزام بالمكوث في بيت الزوجية، وهذا هو أصل الحكم، لكن هناك حالة يُمكنها أن تتطلب سفرها في فترة عدّتها، وهي:

  • إن كانت لا تأمن على نفسها أو مالها إن أقامت في منزل الزوجية.
  • أو كانت البلدة التي تُقيم فيها تمنع قوانينها إقامتها في فترة طويلة تفي بفترة العدة.
  • إن كانت لا تأمن على ولدها، أو تخاف على نفسها من الفاحشة.
  • ما إن تتأذى من جيرانها، أو قد همَّ بها أذى شديد.

وهو ما يجعلها مضطرة إلى الرجوع إلى بلدها ومغادرة مسكن زوجها الذي توفي عنها؛ حتى وإن تطلب ذلك سفرًا طويلًا من قِبلها، فهو لا يجعلها آثمة نظرًا لتواجد الضرورة والعذر.

كثيرة هي الأحكام الفقهية التي على المرأة الإلمام بها على غرار حكم من مات زوجها وهي في الحج، وحكم من ترغب في الذهاب إلى الحج وهي في عدّتها، وهو ما تناولناه عن كثب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى